| مقالات متنوعة | · | أفكار وفلسفة |

أبجدية الكُتب ✧


ترتبط الكتب بالنسبة إليّ بأشياء عديدة: أماكن، ومشاعر، أوقات، وأشخاص.

كل كتاب حين أنهيه ثم أراه على الرف بعد مدّة، يُعيد لذهني العديد من الصور، حيث أتذكر أحداث الكتاب وأفكاره، كأنها حياة أخرى خضتها ومكان جديدٌ استكشفته،
فكُل كتاب يرمز لفترة معيّنة..

“عندما كنت أقرأ هذا الكتاب، كان عام كذا، حملته معي لهذا المكان وذاك، وحدث ذاك الموقف.. وشعرت بذاك الشعور، وكان الفصلُ شتاءً، أو في إجازة الصيف..


فتاة تحمل كتابًا وقلبًا يشع //

العام، بداية ٢٠٢٠، كانت آخر مرة أقرأ فيها بالحافلة المدرسية، لمدة أربع أعوام متتالية. بالطبع لم أكن أقرأ في الحافلة كلّ يوم، لكن مُعظم الأيام. فصول عديدة من روايات مُخلّدة كنت أختمها هُناك، بجانب النافذة، على المقعد الجلدي.

أتذكّر كيف أن المسافة كانت بعيدة من المنزل إلى المدرسة، وكنت أستمتع بوقتي، أحياناً أنام، وأحيانًا فقط أتأمل عبر النافذة، وأحيانًا كثيرة؛ أقرأ.

وصدّقني، أن القارئ مهما حاول أن يبقى طبيعيًا ويظلّ خارج مركز الانتباه، سيحس بكونه “غريبًا”. لا أدري لم، هل لأنني كنت أجد قلّة تقرأ في المدرسة؟

كنت أفكر أحيانًا، لو أنني أخرجت هاتفي في مكان عام، لن يكترث أحد. بينما لو كنت أقرأ كتابًا سيكون الوضع مُلفتًا قليلاً، لا أمانع هذا، لكنه يضع حول الشخص هالة كبيرة من كونه “قارئًا”.

أتذكر مرة كانت فيها طالبات المرحلة الابتدائية في الباص يلعبن لُعبة، حيث يقلدون واحدة ما وتحزر الباقيات من المُقلّدَة، واحدة ادّعت أنها تقرأ فكلهم باتوا يقولون “لبنى!” ووقتها كنت أقرأ أصلًا، -في أمان الله-.

أهدتني مرة إحداهن فاصلاً صنعته يدويًا احتفظ به إلى الآن؛ مكتوب عليه “عندما أقرأ كتاب أكون كالألماس“، مع مُلصق لوجه يغمز.

عدّة أشياء لا يتبيّن بهائها إلا بعدما تنقضي

على كل حال من بين جميع الأمور التي اختلفت، أكثر شيء شعرت بالحنين إليه هو التفاصيل الصغيرة التي كان معناها لي كبيرًا. كقراءاتي على متن الحافلة: البؤساء، شيفرة دافنتشي، تسكع على الخريطة، آن في المرتفعات الخضراء، …

أبجدية الكُتب ~

أ- «أحمل كتبًا معي في كل مكان»

جانب سريري على المنضدة، كل يوم في طريقي للمدرسة، حتى في يوم المدرسة الأول، وأيام الاختبارات النهائية. للشاطئ، في السيارة، عند السفر في الطائرة، وجميع وسائل النقل!

ب- «الكتبُ رفاق الرحلة»

فالكتاب يمنح المعنى للأوقات التي تفتقده، والدفء للأماكن الباردة. وكل مجلد يحمل نبرة كانت قد غذّتني في وقت ما، نبرة أتذكرها جيدًا ولا أنساها.

ج- «الكتاب كريم لقارئهِ المخلص»

أقرأُ بتمعّن. لم تكن السرعة دأبي يومًا في القراءة. أقرأ كل سطرٍ برويّة، أتشرب النص، وأقف مرارًا وتكرارًا عند السطور التي لامستني. أطوي طرف الصفحة، كتخليدٍ لإعجابي بالمكتوب. وأُنهي الكتاب وبحوزتي كنوز من المعاني، المفردات والأفكار، والجملِ التي تمت حياكتها بإتقان يبعثني على الانبهار.

أضف تعليق